تتسارع وتيرة التحول الرقمي في السعودية لتجعلها واحدة من أبرز الدول التي تمزج بين السرعة، والرؤية الواضحة، والاستثمار الضخم في مجال الذكاء الاصطناعي.
فمن إنشاء مراكز بيانات سيادية عملاقة، إلى تطوير نماذج لغوية عربية مثل «علّام»، مروراً بتحالفات استراتيجية مع أكبر شركات التقنية في العالم، تسير المملكة بخطى واثقة نحو بناء مستقبل قائم على الذكاء الاصطناعي لا مجرد استخدامه.
إقرأ ايضاً:قرارات ملكية لافتة تمنح الجنسية السعودية لشخصيتين بارزتين في عالم الاستثمار والأعمالقبل القمة الآسيوية.. مفاجأة في مصير جواو كانسيلو مع الهلال بعد أسابيع الغياب!
في ظل رؤية السعودية 2030، أصبح الذكاء الاصطناعي محوراً أساسياً للتحول في مختلف القطاعات، من التعليم والمال إلى الصحة والتجارة. وتقود الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) وهيئة الحكومة الرقمية هذا الحراك من خلال وضع أطر تنظيمية واضحة وضمان سيادة البيانات.
ويقول وسيم أفضل، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بلاتفورمانس، إن السعودية لا تتعامل مع الذكاء الاصطناعي كمجال تقني فقط، بل كعنصر جوهري في بنية الاقتصاد. ويضيف: "بينما تستخدم الدول الأخرى الذكاء الاصطناعي في تجارب محدودة، تبني السعودية منظومة متكاملة تبدأ من البنية التحتية وتنتهي بتطبيقات عملية تخدم المواطن والمسوّق في آن واحد".
هذا النهج المتكامل أعاد تعريف التسويق في المملكة، حيث لم يعد الاكتشاف الرقمي خطيًا، بل أصبح يعتمد على محركات اقتراح وتوصيات ذكية. فالمستهلك اليوم يتفاعل مع المنتجات عبر مساعدين لغويين وتطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحليل السلوك وتقديم المحتوى المناسب في اللحظة المناسبة.
ومع انتشار استخدام اللغة العربية في النماذج المحلية مثل «علّام»، تتغير قواعد اللعبة تمامًا. فلم تعد الترجمة كافية؛ بل يجب أن تُبنى الرسائل التسويقية من الصفر بالعربية، مع مراعاة اللهجات، والثقافة المحلية، وسلوك المستخدم السعودي. يؤكد وسيم أفضل أن "العربية أولاً لم تعد شعاراً، بل ضرورة تسويقية تفرضها النماذج اللغوية الجديدة".
من جهة أخرى، لم تعد نتائج الأداء تقاس بعدد النقرات والانطباعات فقط. فبفضل أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل المشاعر والتنبؤ بسلوك العميل بدقة، مما يجعل النتائج القابلة للقياس أساس كل حملة ناجحة. ويشير أفضل إلى أن هذا التوجه خلق وظائف جديدة مثل مهندسي الأوامر التفاعلية وخبراء المحتوى المخصص للنماذج اللغوية.
في الوقت ذاته، تضع الجهات التنظيمية السعودية معايير صارمة للحوكمة والشفافية الرقمية لضمان الثقة في الأنظمة الذكية، وهو ما يعزز مكانة العلامات التجارية التي تلتزم بالوضوح وحماية بيانات المستخدمين.
ويختتم وسيم أفضل بالقول إن السعودية لا تواكب التطور فحسب، بل تقوده. فالتحول يجري بسرعة غير مسبوقة، وعلى المسوقين أن يتكيفوا مع واقع جديد تقوده النماذج اللغوية والذكاء الاصطناعي المحلي.